جنون الميركاتو- مليارات تنفق وأرباح غير مضمونة

المؤلف: فهد صالح (جدة) fahadoof_s@10.02.2025
جنون الميركاتو- مليارات تنفق وأرباح غير مضمونة

مع شغف جماهير كرة القدم المتزايد حول العالم، تتجه الأنظار بشوق نحو فترة الانتقالات الصيفية والشتوية، حيث تترقب الأندية بحماس بالغ لتعزيز صفوفها بألمع النجوم واللاعبين المهرة. ومع نهاية كل موسم كروي، تنخرط إدارات الأندية في سباق محموم، وتستعد بكل ما أوتيت من قوة مالية لتلبية متطلبات الموسم الجديد. تبدأ المفاوضات الشاقة، وتُعرض الإغراءات المالية السخية، وتُمدد العقود القيمة، وكل ذلك بهدف واحد: تعديل الأوضاع وتعزيز القدرة التنافسية للفريق، سواء بالصعود إلى منصات التتويج، أو الحفاظ على المراكز المتقدمة، أو ضمان عدم الغياب عن البطولات المرموقة.

ومع اقتراب "الديدلاين"، وهو اليوم الأخير المتاح لإجراء الصفقات، يشتد الحماس والترقب، حيث تسعى الأندية جاهدة لإبرام الصفقات المفاجئة والمثيرة، خاصة تلك التي تسعى لتعزيز صفوفها أو التخلص من اللاعبين الفائضين عن الحاجة. بعد هذا التاريخ، يُمنع أي نادٍ من ضم أو بيع أو إعارة أي لاعب حتى حلول فترة الانتقالات التالية.

قبل انطلاق الموسم الكروي الجديد، يتم الكشف عن الصفقات الكبرى والتحديثات التي طرأت على تشكيلة الفرق. ومن المتوقع أن تشهد فترة الانتقالات الصيفية تحولات هائلة في سوق الميركاتو، حيث تتنافس الأندية الكبرى بكل قوة لتدعيم صفوفها بعد مواسم عديدة من المنافسة الشرسة والمحتدمة. كما يُتوقع أن تستمر الصفقات الضخمة والمبالغ الطائلة المدفوعة للاعبين الموهوبين، خاصة في ظل التدفق المتزايد لرؤوس الأموال في عالم كرة القدم.

إن سلسلة الصفقات الهائلة التي شهدها العقد الأخير قد أسفرت عن أرقام قياسية غير مسبوقة على صعيد المبالغ المدفوعة للتعاقد مع النجوم الجدد، وكشفت النقاب عن اختلالات كبيرة في ميزان البيع والشراء لدى هذه الأندية، حيث تفوق مشترياتها مبيعاتها بشكل ملحوظ.

وبالنظر إلى المبالغ الطائلة التي أنفقتها الأندية الأوروبية منذ انطلاق عمليات البيع والشراء بأرقام فلكية، وإلى الصفقات الجنونية التي شهدها موسم 2022-2023، والتي كانت بمثابة مقدمات للتحضير لانتقالات أكثر إثارة هذا الصيف، فمن المتوقع أن يسجل هذا الصيف رقماً قياسياً جديداً، وذلك بالنظر إلى وجود العديد من الأسماء الكبيرة المطروحة في السوق، وإلى حاجة العديد من الأندية الكبرى إلى النجوم اللامعين من أجل تعزيز صفوفها وإحداث تغيير إيجابي في تشكيلاتها.

إن الصفقة الضخمة التي انتقل بموجبها النجم الإنجليزي جود بيلينغهام من بوروسيا دورتموند إلى ريال مدريد (مقابل 103 ملايين يورو، بالإضافة إلى 30.9 مليون كمتغيرات)، وما قد يتبعها في حال انتقال النجم الفرنسي كيليان مبابي، ليست سوى حلقة في سلسلة الصفقات الهائلة التي أبرمتها أندية البطولات الكبرى في أوروبا على مدار العقد الماضي، والتي سجلت أرقاماً قياسية على صعيد المبالغ المدفوعة للتعاقد مع اللاعبين الجدد، وكشفت عن خلل كبير في ميزان البيع والشراء لدى هذه الأندية، حيث تفوق مشترياتها مبيعاتها بشكل ملحوظ.

وينتظر سوق الانتقالات الصيفية الأوروبية صفقات ضخمة ستستكمل المبالغ الكبيرة التي دفعتها الأندية في البطولات الخمس الكبرى على مدار الأعوام العشرة الماضية، والتي وصلت إلى أرقام فلكية تعكس خسائر تفوق عائدات الأندية نفسها من عمليات بيع اللاعبين.

وخلال الموسم 2022-2023، أنفقت أندية البطولات الخمس الكبرى ما مجموعه 5.7 مليار يورو على الصفقات الجديدة، وهو رقم يزيد بنسبة 47% عن ذلك الذي أنفقته الأندية في موسم 2021-2022. والمفاجأة الصادمة هي أن غالبية الأندية تدخل إلى السوق وهي تعاني من الديون، حيث تنفق مئات الملايين هناك، وذلك بفضل الضمانات التي توفرها العقود الرعائية المستقبلية وعائدات النقل التلفزيوني. ولذا يظهر الميزان دائماً بأن ما صرفته الأندية يفوق بكثير ما قبضته في فترتي الانتقالات الصيفية والشتوية.

وعلى الرغم من ذلك، قد تتأثر فترة الانتقالات القادمة بعدة عوامل مختلفة، أبرزها قوانين اللعب المالي النظيف، بالإضافة إلى تأثير الأزمة الصحية العالمية التي هددت بشكل مباشر كيان العديد من الأندية.

مليونات بلا أرباح

وفي عملية حسابية مباشرة لما أنفقته أندية البطولات الخمس الكبرى خلال عقد كامل من الزمن، يتضح أن الرقم وصل إلى 46.7 مليار يورو، مقابل حصولها على 12.3 مليار فقط من خلال عمليات بيع اللاعبين.

هذه المقارنة بالأرقام تطرح تساؤلات حول كيفية استمرار هذه الأندية في ظل هذه الخسائر الواضحة، ولكن الجواب بسيط، إذ إن استقدام أي نجم بمبلغ كبير سيعيد على النادي أرباحاً مالية طائلة من خلال التسويق أو تحقيق الإنجازات، وبالتالي يتم التعويض في مجال آخر بعيداً عن سوق الانتقالات. وقد ينتقل اللاعب لاحقاً إلى ناد آخر بسعر أقل بكثير مما اشتراه النادي الأول.

وليس من المستغرب أن يكون الدوري الإنجليزي هو صاحب الميزان الأسوأ بين جميع البطولات الكبرى، حيث بلغت خسائره 9.8 مليار يورو. فقد أنفقت الأندية الإنجليزية 18 ملياراً على التواقيع الجديدة خلال 10 أعوام، مقابل حصولها على أقل من نصف هذا الرقم جراء عمليات بيع اللاعبين. أما ثاني الخاسرين على هذا الصعيد فهو الدوري الإيطالي، حيث بلغت خسائره 1.36 مليار في ميزان الانتقالات، بينما خسرت الأندية الألمانية 715.4 مليون يورو، مقابل 686.3 مليون للأندية الإسبانية.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة